الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{لنُخرج به حبًّا ونَباتاً} فيه قولان:أحدهما: ان الحب ما كان في كمام الزرع الذي يحصد، والنبات: الكلأ الذي يرعى، وهذا معنى قول الضحاك.الثاني: أن الحب اللؤلؤ، والنبات: العشب، قال عكرمة: ما أنزل الله من السماء قطرة إلا أنبتت في الأرض عشبة أو في البحر لؤلؤة.ويحتمل ثالثاً: أن الحب ما بذره الآدميّون، والنبات ما لم يبذروه.{وجنّاتٍ أَلْفافاً} فيه ثلاثة أوجه:أحدها: أنها الزرع المجتمع بعضه إلى جنب بعض، قاله عكرمة.الثاني: أنه الشجرالملتف بالثمر، قاله السدي.الثالث: أنها ذات الألوان، قاله الكلبي.ويحتمل رابعاً: أنها التي يلف الزرع أرضها والشجر أعاليها، فيجتمع فيها الزرع والشجر ملتفات.{إنّ يوم الفصلِ} يعني يوم القيامة، سمي بذلك لأنه يفصل فيه الحكم بين الأولين والآخرين والمثابين والمعاقبين.{كانَ مِيقاتاً} فيه وجهان:أحدهما: ميعاداً للإجتماع.والثاني: وقتاً للثواب والعقاب.{وسُيِّرتِ الجبالُ فكانتْ سَراباً} فيه وجهان:أحدهما: سُيّرت أي أزيلت عن مواضعها.الثاني: نسفت من أصولها.{فكانت سراباً} فيه وجهان:أحدهما: فكانت هباءً.الثاني: كالسراب لا يحصل منه شيء كالذي يرى السراب يظنه ماء وليس بماء.{إنّ جهنّمَ كانت مِرْصاداً} فيه ثلاثة أقاويل:أحدها: يعني أنها راصدة فجازتهم بأعمالهم، قاله أبو سنان.الثاني: أن على النار رصداً، لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز عليه، فمن جاء بجواز جاز، ومن لم يجئ بجواز لم يجز، قاله الحسن.الثالث: أن المرصاد وعيد أوعد الله به الكفار، قاله قتادة.{للطّاغينَ مَآباً} فيه قولان:أحدهما: مرجعاً ومنقلباً، قاله السدي.الثاني: مأولى ومنزلاً، قاله قتادة.والمراد بالطاغين من طغى في دينه بالكفر أو في دنياه بالظلم.{لابِثينَ فيها أَحْقاباً} يعني كلما مضى حقب جاء حقب وكذلك إلى الأبد واختلفوا في مدة الحقب على سبعة أقاويل:أحدها: ثمانون سنة، قاله أبو هريرة.الثاني: أربعون سنة، قاله ابن عمر.الثالث: سبعون سنة، قاله السدي.الرابع: «أنه ألف شهر»، رواه أبو أمامة مرفوعاً.الخامس: ثلاثمائة سنة، قاله بشير بن كعب.السادس: سبعون ألف سنة، قاله الحسن.السابع: أنه دهر طويل غير محدود، قاله قطرب.وفي تعليق لبثهم بالأحقاب قولان:أحدهما: أنه على وجه التكثير، كلما مضت أحقاب جاءَت بعدها أحقاب، وليس ذلك بحد لخلودهم في النار.الثاني: أن ذلك حد لعذابهم بالحميم والغسّاق، فإذا انقضت الأحقاب عذبوا بغير ذلك من العذاب.{لا يَذُوقونَ فيها بَرداً ولا شَراباً} في البرد ثلاثة أقاويل:أحدها: أنه برد الماء، وبرد الهواء، وهو قول كثير من المفسرين.الثاني: أنه الراحة، قاله قتادة.الثالث: أنه النوم، قاله مجاهد والسدي وأبو عبيدة.وأنشد قول الكندي: يعني النوم.والشراب ها هنا: العذاب.ويحتمل أن يريد بالشراب الري، لأن الشراب يروي وهم فيها عطاش أبداً.{إلاّ حَميماً وغَسّاقاً} أما الحميم ففيه ثلاثة أقاويل:أحدها: أنه الحارّ الذي يحرق، قاله ابن عباس.الثاني: دموع أعينهم في النار تجتمع في حياض في النار فيُسقونْه، قاله ابن زيد.الثالث: أنه نوع من الشراب لأهل النار، قاله السدي. وأما الغسّاق ففيه أربعة أقاويل:أحدها: أنه القيح الغليظ، قاله ابن عمر.الثاني: أنه الزمهرير البارد الذي يحرق من برده، قاله ابن عباس.الثالث: أنه صديد أهل النار، قاله قتادة.الرابع: أنه المنتن باللغة الطحاوية، قاله ابن زيد.{جزاءً وِفاقاً} وهو جمع وفق، قال أهل التأويل: وافق سوءُ الجزاء سوءَ العمل.{إنهم كانوا لا يَرْجُونَ حِساباً} فيه وجهان:أحدهما: لا يرجون ثواباً ولا يخافون عقاباً، قاله ابن عباس.الثاني: لا يخافون وعيد الله بحسابهم ومجازاتهم، وهذا معنى قول قتادة.{وكذّبوا بآياتِنا كِذّاباً} يعني بآيات القرآن، وفي {كِذّاباً} وجهان:أحدهما: أنه الكذب الكثير.الثاني: تكذيب بعضهم لبعض، ومنه قول الشاعر: وهي لغة يمانية.{إنّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً} فيه وجهان:أحدهما: نجاة من شرها، قاله ابن عباس.الثاني: فازوا بأن نجوا من النار بالجنة، ومن العذاب بالرحمة، قاله قتادة، وتحقيق هذا التأويل أنه الخلاص من الهلاك، ولذلك قيل للفلاة إذا قل ماؤها مفازة تفاؤلاً بالخلاص منها.{وكَواعِبَ أَتْراباً} في الكواعب قولان:أحدهما: النواهد، قاله ابن عباس.الثاني: العذارى، قاله الضحاك، ومنه قول قيس بن عاصم: وفي الاتراب أربعة أقاويل:أحدها: الأقران، قاله ابن عباس.الثاني: الأمثال، قاله مجاهد.الثالث: المتصافيات، قاله عكرمة.الرابع: المتآخيات، قاله السدي.{وكأساً دِهاقاً} فيه ثلاثة أقاويل:أحدها: مملوءة، قاله ابن عباس، ومنه قول الشاعر: الثاني: متتابعة يتبع بعضها بعضاً، قاله عكرمة.الثالث: صافية، رواه عمر بن عطاء، قال الشاعر: {لا يَسْمعونَ فيها لَغْواً ولا كِذّاباً} في اللغو ها هنا أربعة أقاويل:أحدها الباطل، قاله ابن عباس.الثاني: الحلف عند شربها، قاله السدي.الثالث: الشتم، قاله مجاهد.الرابع: المعصية، قاله الحسن.وفي {كِذّاباً} ثلاثة أقاويل:أحدهاك لا يكذب بعضهم بعضاً، قاله سعيد بن جبير.الثاني: أنه الخصومة، قاله الحسن.الثالث: أنه المأثم، قاله قتادة.وفي قوله: {لا يَسْمَعونَ فيها} وجهان:أحدهما: في الجنة، قاله مجاهد.الثاني: في شرب الخمر، قاله يحيى بن سلام.{جزاءً من ربكَ عَطاءً حِساباً} فيه ثلاثة أقاويل:أحدها: كافياً، قاله الكلبي.الثاني: كثيراً، قاله قتادة.الثالث: حساباً لما عملوا، فالحساب بمعنى العد.{يوم يقومُ والرُّوحُ الملائكةُ صَفّاً} في الروح ها هنا ثمانية أقاويل:أحدها: الروح خلق من خلق الله كهيئة الناس وليسوا أناساً، وهم جند للَّه سبحانه، قاله أبو صالح.الثاني: أنهم أشرف الملائكة، قاله مقاتل بن حيان.الثالث: أنهم حفظة على الملائكة، قاله ابن أبي نجيح.الثالث: أنهم حفظة على الملائكة خلقاً، قاله ابن عباس.الرابع: أنه ملك من أعظم الملائكة خلقاً، قاله ابن عباس.الخامس: هو جبريل عليه السلام، قاله سعيد بن جبير.السادس: أنهم بنو آدم، قاله قتادة.السابع: أنهم بنو آدم، قاله قتادة.الثامن: أنه القرآن، قاله زيد بن أسلم.{لا يتكلمونَ إلا مَنْ أَذِنَ له الرحمنُ} فيه قولان:أحدهما: لا يشفعون إلا من أذن له الرحمن في الشفاعة، قاله الحسن.الثاني: لا يتكلمون في شيء إلا من أذن له الرحمن شهادة أن لا إله إلا الله، قاله ابن عباس.{وقال صَواباً} فيه ثلاثة أقاويل:أحدها: يعني حقاً، قاله الضحاك.الثاني: قول لا إله إلا الله، قاله أبو صالح.الثالث: أن الروح يقول يوم القيامة: لا تُدخل الجنة إلا بالرحمة، ولا النار إلا بالعمل، فهو معنى قوله: {وقال صواباًَ} قاله الحسن.ويحتمل رابعاً: أنه سؤال الطالب وجواب المطلوب، لأن كلام الخلق في القيامة مقصور على السؤال والجواب.{ذلك اليوم الحقُّ} يعني يوم القيامة، وفي تسميته الحق وجهان:أحدهما: لأن مجئيه حق وقد كانوا على شك.الثاني: أنّ الله تعالى يحكم فيه بالحق بالثواب والعقاب.{فمن شاءَ اتّخَذ إلى ربِّه مآباً} فيه وجهان:أحدهما: سبيلاً، قاله قتادة.الثاني: مرجعاً، قاله ابن عيسى.ويحتمل ثالثاً: اتخذ ثواباً لاستحقاقه بالعمل لأن المرجع يستحق على المؤمن والكافر.{إنّا أنذْرْناكم عَذاباَ قريباً} فيه وجهان:أحدهما: عقوبة الدنيا، لأنه أقرب العذابين، قاله قتادة، وقاله مقاتل: هو قتل قريش ببدر.الثاني: عذاب يوم القيامة، لأنه آت وكل آت قريب، وهو معنى قول الكلبي.{يوم ينظُرُ المْرءُ ما قدَّمَتْ يَداهُ} يعني يوم ينظر المرء ما قدّم من عمل خير، قال الحسن: قدَّم فقَدِم على ما قَدَّم. ويحتمل أن يكون عامّاً في نظر المؤمن إلى ما قدّم من خير، ونظر الكافر إلى ما قدّم من شر.{ويقول الكافرُ يا لَيْتني كنتُ تُراباً} قال مجاهد يبعث الحيوان فيقاد للمنقورة من الناقرة، وللمركوضة من الراكضة، وللمنطوحة من الناطحة، ثم يقول الرب تعالى: كونوا تراباً بلا جنة ولا نار، فيقول الكافر حينئذ: يا ليتني كنت تراباً وفي قوله ذلك وجهان:أحدهما: يا ليتني صرت اليوم مثلها تراباً بلا جنة ولا نار، قاله مجاهد. الثاني: يا ليتني كنت مثل هذا الحيوان في الدنيا وأكون اليوم تراباً، قاله أبو هريرة: وهذه من الأماني الكاذبة كما قال الشاعر: قال مقاتل: نزل قوله تعالى: {يوم ينظر المرء ما قدّمت يداهُ} في أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي، ونزل قوله تعالى: {ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً} في أخيه الأسود بن عبد الأسد. اهـ.
|